للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل لك في ثلاثين ألف دينار مسلمة؟ قال: وكان شراء الجارية على أربع مئة دينار، فلما وقع في أذني [ذكر] ثلاثين ألف دينار أرتج علي ولحقني زمع «١» ، وأشار علي صديقي الذي معه بالبيع، وخفت والله أن يحدث بالجارية أو بي أو بالفضل [حدث] فسلمتها وأخذت المال، ثم بكرت إلى الفضل بن يحيى، فإذا هو جالس وحده، فلما نظر إلي ضحك، ثم قال لي: يا ضيق الحوصلة، حرمت نفسك عشرين ألف دينار! فقلت له: جعلت فداك، دع ذا عنك، فو الله لقد دخلني شيء أعجز عن وصفه، وخفت أن تحدث بي حادثة أو بالجارية أو بك أو بالمشتري، فبادرت بقبول ثلاثين ألف دينار، فقال: لا ضير، يا غلام جيء بالجارية، فقال: خذها مباركا لك فيها، فما أردنا إلا نفعك، ولم نرد الجارية، فلما نهضت قال لي: مكانك، رسول صاحب أرمينية قد جاءنا فقضينا حوائجه ونفذنا كتبه، وذكر أنه قد جاءنا بثلاثين ألف دينار يشتري لنا ما نحب، فاعرض عليه جاريتك هذه ولا تنقصها من ثلاثين ألف دينار، فانصرفت [ص ٢٣٧] بالجارية، وبكر عليّ صاحب أرمينية ومعه صديق لي آخر، فقاولني بالجارية، فقلت: لست أنقصها من ثلاثين ألف دينار، فقال: معي عشرون ألف دينار مسلمة تأخذها بارك الله لك فيها، فدخلني والله مثل ما دخلني في المرة الأولى، وخفت مثل خوفي الأول، فسلمتها إليهم وأخذت المال، وبكرت على الفضل بن يحيى، فلما رآني ضحك وضرب برجله وقال: ويحك حرمت نفسك عشرة آلاف دينار، فقلت له: أصلحك الله، خفت والله مثل ما خفت في المرة الأولى، فقال لي: لا ضير، يا غلام: جاريته، فجيء بها، فقال: خذها ما أردناها ولا أردنا إلا نفعك، فلما ولت الجاري صحت بها ارجعي، فرجعت، فقلت: أشهدك- جعلت فداك- أنها حرة لوجه الله، وأني قد تزوجتها على عشرة آلاف درهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>