يا نديمي الصّبح قد وضحا ... فأدر لا تحبس القدحا «١»
ما ترى برد الهوى عبقا ... بنسيم المسك قد نفحا؟
وهذا البيت الثاني في نحوه ما يأتي من شعر فلتة، ونحن في مجلس قد ركّب على نهر مطّرد كأنه أيم «٢» فرّ من يد قاتله أو اضطرب في جوف مخاتله، والدوح قد مالت ذوائبه، والنسيم قد رقّ ولان جانبه، والليل قد جلّل الأفق مسكي ردائه، وبلّل مطارف الثرى بأندائه، والقمر قد أقبل على طوق هالته، وجلا ضوؤه المنير حالك حالته:[البسيط]
[ص ٢٧٥]
لله مجلسنا والنهر مطرد ... كأنه ممعن قد جد في الهرب
والدّوح قد مال مهتزا بلا طرب ... فكيف لو حركته نشوة الطرب «٣»
وللنسيم بنا أخذ تلذ به ... كأنه أخذة الوسنان بالهدب
هذا وقد ذر مسك الليل أجمعه ... لولا نوافجه في الليل لم يطب «٤»
وعندنا كل ذي ودّ نسر به ... هو السرور فدع عنك ابنة العنب
وأقبل البدر محفوفا بهالته ... كمثل بيضاء في طرق من الذهب