الناطفي مولى عنان، أما والله لولا أني لم أجر في حكم قط متعمدا «١» ، لجعلت على كل حبل منه قطعة، ومالي في جاريته أرب غير الشعر، فقلت: أجل ما فيها غير الشعر، أو يسرّ أمير المؤمنين أن يجامع الفرزدق، فضحك حتى استلقى وترك ذكرها. «٢»
وحكى يعقوب بن إبراهيم، أن الرشيد طلب من الناطفي جارية، فأبى أن يبيعها بأقل من مئة [ص ٢٨٠] ألف دينار، فقال له: أعطيتكها على صرف سبعة دراهم بدينار، فأمر أن تحضر، فأحضرت ثم لم يمض البيع، ولم تزل في قلب الرشيد حتى مات مولاها الناطفي، فبعث بمسرور الخادم، فأخرجها إلى باب الكرخ، ووقفها على سرير، وعليها رداء رشيدي قد جللها، فنودي عليها، بعد أن شاور الفقهاء فيها، وقال: على مالكها دين، فأفتوا في بيعها، فانتهت إلى مئتين وخمسين ألف درهم، فأخذها مسرور «٣» ، ولم يكن فيها ما يعاب، فطلبوا لها عيبا لئلا تصيبها العين، فأوقعوا بخنصر رجلها شيئا في ظفرها. فأولدها الرشيد ابنين ماتا صغيرين، ثم خرج بها إلى خراسان، فمات هناك، وماتت بعده بمدة يسيرة.
وروى ابن عمار أنها خرجت إلى مصر وماتت بها حين أعتقها النطاف، ورثته بقولها:«٤»[الكامل]
يا دهر أفنيت القرون ولم تزل ... حتّى رميت بسهمك النّطافا
وكانت مجيدة في الشعر مقصرة في الغناء، جارت مروان بن أبي حفصة وأبا نواس والعباس بن الأحنف، وكان يتعشقها العباس بن الأحنف.
حكى رجل أن ابن أبي حفصة قال: لقيني الناطفي فدعاني إلى عنان،