وفرشت له الفرش الخليفية الفاخرة، والستور المطرزة بالزركش، وأحضرت له في الحال أطعمة قلايا وشوايا وحلو، وأكلت بين يديه شسني «١» ، فلما فرغ من الأكل، عملت له مجلسا ملوكيا وأحضرت له الأواني المذهبة من الزجاج الحلبي وأواني فضة فيها شراب مروق، فلما دارت الاقداح وسكر قليلا، أحضرت عشر جوق «٢» مغاني كلهم نساء، كل جوقة تغني بملهاة غير ملهاة الأخرى، وأمرتهم فغنوا كلهم على سار واحد فارتجّ المجلس وطرب وانبسطت نفسه، وضم واحدة من المغنيات أعجبته فواقعها في المجلس، ونحن نشاهده، وتم يومه في غاية الطيبة، فلما كان وقت العصر، حضر أصحابه بالنهب والسبايا، قدمت له ولأصحابه الذين كانوا معه تحفا جليلة من أواني الذهب والفضة، ومن النقد والذهب، ومن الأقمشة الفاخرة شيئا كثيرا، سوى العليق وهبات العوانية «٣» الذين كانوا بين يديه، واعتذرت من التقصير وقلت: جاء الأمير على غفلة، لكن غدا إن شاء الله أعمل للأمير دعوة أحسن من هذه، فركب وقبّلت ركابه، ورجعت فجمعت أهل الدرب من اليسارة «٤» ، وقلت لهم: انظروا لأنفسكم [ص ٣١٣] ، هذا الرجل غدا عندي، وكذا بعد غد وكل يوم، وأريد أضعاف اليوم المتقدم، فجمعوا لي من بينهم ما يساوي خمسين ألف دينار من أنواع الذهب والأقمشة الفاخرة والسلاح، فما طلعت الشمس إلا وقد وافاني، فرأى ما أذهله، وجاء في هذا اليوم ومعه نساء، فقدمت إليه ولنسائه من الذخائر والذهب والنقد ما قيمته عشرون ألف دينار، وقدمت له في اليوم الثالث لآلىء نفيسة، وجواهر ثمينة،