ندّا، «١» ولا إسحاق إلا الذبيح، ولا ابن المهدي إلا المخلوع الطريح «٢» ، وكان فرد زمانه في كرم السجايا وحسن الأخلاق، وسعة النفس، قالوا:[كان] طيب المجالسة لا يملّ حديثه، مكثرا من الأخبار والحكايات والنوادر، عارفا بأخبار ملوك بيت جنكيز خان «٣» ، وخصوصا أولاد هولاكو بن تولي، وأحوال الوزراء والخواجكية، وله مشاركة جيدة في العلوم العقلية، ودربة بمخاطبة الملوك والأمراء والوزراء، والخواتين والخواجكية والكبراء متقنا للموسيقا علما وعملا [ص ٣٢٩] مجيدا في صناعة الغناء، لا يجارى ولا يبارى، ولا يطمع في مضاهاته ولا مداناته، اتصل بالسلطان أبي سعيد، وكان محبا للغناء والمغاني، فلما اتصل به الكمال، اقتصر عليه، واختص به، وجعل كل أهل هذه الصناعة، وسائر الجلساء والندماء دونه، وكان يشاربه ويحضر معه في أخص خلواته، ولا يكاد يصبر عنه ساعة في سائر أوقاته.
وحكى لي خواجا إسماعيل السامي: أن أبا سعيد كان مغرى «٤» بطول المكث في الحمام والشرب فيه، وجعل له حماما جعل جدره من الزاج «٥» ، وكان يدخل إليه ومعه أمراؤه «٦» ببغداد ومشافر وكان كلفا به والكمال التوريزي، ويجلس الجلساء والندماء خارج الحمام، والسقاة تسقي، فإذا وصل الدور إلى الجالسين خارج الحمام أخرج إليهم من كوى بينهم، والمغاني تغني بالنوبة خارج الحمام، فإذا انتهت النوبة إلى الكمال غنى داخل الحمام وربما غنى