كان رحيلي من أرضكم عجبا ... وحادثا من حوادث الزّمن
من قبل أن أعرض الفراق على ... قلبي وأن أستعدّ للحزن
والشعر للعباس بن الأحنف، والغناء من الثقيل الأول.
وحكي أنّ الحكم كان يهوى جارية له لا يرى القمر إلا طالعا في لبتها «١» ولا الرأي إلا محبتها، ثم تنكر لها فتجنت عليه وتثنت، إلا أنها ما ألوت إليه، فعز لديه هجرانها، وأعرض عنها وفي أحشائه نيرانها، ثم لم يجد إلا أن أغلظ في عتباها، وظنه سببا لمتابها، فزادت عليه تأتيا كدّر عيشه ونكد عليه نكدا ضعضع جيشه، وكان لا يتسلى ولا يهنأ بعيش ولا يتملّى، ولم يجسر أحد على خطابه، وكف جامح عتابه، حتى أمر جواريه أن تغنيه، فغنين حتى فرغن وما أغنين، فلما انتهت النوبة إلى عزيز اندفعت تغني هذا:«٢»[الطويل]
بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب ... وقل إن تملينا فما ملّك القلب
وقل إن أنل بالحب منها مودة ... فما فوق ما لا قيت من حبكم حب
وقل في تجنيها لك الذنب إنما ... عتابك أن عاتبت فيما له عتب
فمن شاء رام الهجر أو قال ظالما ... لذي وده ذنب وليس له ذنب
والشعر لنصيب، والغناء فيه ثاني الرمل، فقام لوقته وصالحها، ووهب عزيزا وأوصلها، وقال: هلا منكن واحدة فعلت فعلها، وهذا الصوت من قصيدة طايلة «٣» وهي:
خليلي من كعب ألما هديتما ... بزينب لا يفقد كما أبدا كعب
ومل يوم زوراها فإن مطينا ... غداة غد عنها وعن أرضها نكب