ولو شاء وارى الشمس من دون وجهه ... حجاب ومطوي السراة منيف «١»
ولكن إدلاجا بشهباء فخمة ... لها لقح في الأعجمين كشوف «٢»
إذا قادها للموت يوما تتابعت ... ألوف على آثارهن ألوف
فصفوا وماذي الحديد عليهم ... وبيض كأولاد النعام كثيف «٣»
خفيف المعى لا يملأ الهم صدره ... إذا سمته الزاد الخبيث عيوف «٤»
وحكي أنّ الحكم دخل عليها وهي نائمة، وقد كحّلت أجفانها بسباتها، وصقل صفائح وجناتها، وقد وسّدها سكر الدلال اليمين والشمائل، وجلا منها اطّراح اللثام ما تحت الخمر والغلائل، وقد كلل الجبين لؤلؤ العرق، واجتمع الحسن فيها كما اتفق، فاختلس منها قبلة، أكل بها ما وجد من الحلاوة في صحن خدها، ثم ضمها إليه ضمة دخل بها بين ترائبها وعقدها، وهي لا تتيقظ، كأنها مخمورة، ولا تنفك من يده كأنها مأسورة، ثم لم يزل يقبلها في مضجعها ويقلّبها ولا يرثي لتفجّعها، حتى ذبل ورد مراشفها، وانتهب عناقيد سوالفها، فانتبهت كأنها ظبية مذعورة، وقامت تهتز مثل غصن بان ممطورة، ثم قالت:[ص ٣٨٢][الخفيف]
من أباح التّقبيل واللّثم خدّي ... فجنى ريقتي وذبّل وردي
ليت من جاء آخر الليل نحوي ... كان حبّي من أوّل الليل عندي
فقال الحكم: لله أنت إذ قمت ولله أنت إذ قلت، ثم أمرها فغنّت فيها، ولم تزل تردد الصوت ويستعيده ويستطيبه ويستجيده حتى كان ذلك لها يوما معدودا، وعيدا لا عيب فيه، إلا أنّا لم نره مشهودا.