لقذف من كلّ جانب دحورا؛ هذا المؤيّد من السماء بيمن تدبيره، نكس في بيره؛ وهذا سنان الدولة ببركة ضميره، وقع في تخسيره، ولا يزال هذا البائس حتى يسأل الله العافية في بدنه. وحديث ما حديث هذا الحمّال، كان إبليس يقسم كلّ صبيحة اللّحى ألفا، فصار يقسم ألوفا؛ سلطان أتاه الله واسطة البرّ، وحاشية البحر، وأمكنه من طاغية الهند، وسخر له ملوك الأرض يريد حمال مراغمته يا للرجال لنازل الحدثان؛ إنّي لأعجب من رأس يودع تلك الفضول فلا ينشقّ، ومن عنق يحمل ذلك الرأس فلا يندقّ، وما أجد لابن محمود مثلا إلّا ابن الريونديّ «١» ، إذ ذهب إلى ابن الأعرابيّ «٢» يسأله عن قول الله تعالى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ
«٣» أتقول العرب: ذقت اللّباس؟ فقال: لا بأس ولا بأس؛ وإذا حيّا الله النّاس فلا حيّا ذلك الرّاس؛ هبك تتّهم محمدا بأن لم يكن نبيّا، أتتهمه بأن لم يكن فصيحا عربيّا، وجئت تسأل ابن الأعرابي؟ أليس الأعرابيّ نفسه جاء بهذا الكلام؟ كذلك ابن محمود ينفض استه، ويضرب مذرويه، لينال الملك، لا لوافر عدّة، ولا لكثرة عدة؛ إنما يطمع في الملك لأنه ابن محمود؛ أفليس محمود نفسه بالملك أحقّ؟ فالحمد لله الذي نصركم وأخزاهم، وثبتكم ونفاهم، وأركب آخرهم أولاهم «٤» ، ولا رحم الله قتلاهم، ولا جبر جرحاهم، ولا فكّ أسراهم، ولا أراكم إلا قفاهم، وإن أقبلوا ففضّ الله فاهم: