للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكره هنا ذكر بلاد سيس، وهي ما بين حلب والروم استولى عليها الأرمن من قديم، ومملكتها في بيت الأرد بن مليح الأرميني من مدة متقدمة.

وبلادها بعضها أغوار على ساحل البحر، وبعضها متعلقة بالجبال، وهي من العواصم، ومما يليها، وملكها مترام إلى صاحب العراق والعجم، ومنتظم في سلكه، وما خرج عسكره إلى الشام لقتال صاحب مصر إلا وخرج معهم، وكثر سواد عسكره، وبالغ في نكاية الإسلام وأهله، وهو مع هذا يدارى صاحب مصر ويداهنه ويحمل إليه ما لا في كل سنة، قطيعة مقررة، وفي كل وقت «١» وحين تغزوه عساكر مصر والشام في عقر البيره، وفتحت البلاد وسبى النساء والذراري في سنة تأليفي فيها هذا الكتاب، وهي سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة [١] ، جهز السلطان فرقة من العساكر إليها، فخاف صاحبها، وسلم جانبا من بلاده، مما يلي المملكة الإسلامية من نهر جيهان «٢» إلى ما لاصق البلاد، وصارت بحمد الله في يد الإسلام، وقبضة السلطان، وقرر عليه القطيعة على باقي بلاده.

ومن خصاص هذه المملكة معدن الزمرد وهو بالحد المتصل بأسوان له من جهة السلطان ديوان وشهود، وينفق على العمال به، وتقام لهم المؤن لحفره واستخراج الزمرد منه، وهو في جبال هرمله، يحفر فيه، وربما سقط على الجماعة به فماتوا وتجمع ما يخرج منه، ويحمل إلى السلطان، ومنه يحمل إلى البلاد، ولقد رأيت منه قطعة وسطها أخضر، في نهاية الحسن، وأطرافه جميعه أبيض، ما بين وسطه وأطرافه بين اللونين، ثم كلما كان أقرب (المخطوط ص ٢٢٩) إلى الوسط كان أقرب إلى الخضرة، كان إلى الطرف، كان أميل إلى البياض إلى أن كان آخره


[١] سنة تأليف الكتاب ٧٣٨ هـ وهو قبيل تأليف تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار لابن بطوطة والمكتوبة سنة ٧٥٧ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>