للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرفاتها سواك، وقد قدم النّصر نسرا من المنجنيق يخلد إخلاده إلى الأرض، ويعلو علوّه إلى السّماك، فشجّ مرابع أبراجها، وأسمع صوت عجيجها، ورفع مثار عجاجها، وأسفر النّقّاب عن الخراب النّقاب، وأعاد الحجر إلى خلقته الأولى من التّراب، ومضغ سرد حجارته بأنياب معوله، وأظهر في صناعته الكثيفة ما يدلّ على لطافة أنمله، وأسمع الصّخرة الشّريفة أنينه، إلى أن كادت ترقّ لمقتله.

وله أيضا من أخرى: فنصبنا عليها المنجنيقات تمطر سماءها نبال الوبال، وتملأ أرضها بالنكاية والنّكال، وتهدّ بساريات حجارتها راسيات الجبال، وتنزل نوازل الأسواء بالأسوار، وتوسع مجال الدّوائر في الدّيار، وتخطف بخطّافاتها أعمار الأغمار؛ وتطير حمامها بكتب الحمام، وتديم إغراء سهامها في أهلها بتوفير سهام؛ وكشف النّقّابون السّور المحجوب فتهدم بنيانه، وتداعت أركانه، بتظاهر المنجنيقات عليها والنّقوب.

ومنه قوله: في ليل كموج البحر «١» ، له أنجم كحبب النّهر، قد حشر الهموم وحشدها، وهدى ضوالّها للقلوب وأنشدها، فأقول له لمّا تمطّى بصلبه «١» : قطع الله صلبك؛ ومتى أرى عمود الصّباح: قد عجّل الله عليه صلبك.

ومنه قوله: ولنا من الجيران من يجوز، ويظنّ أنه إلى الله لن يحور، ويصدّق وعد

<<  <  ج: ص:  >  >>