للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحضره أمثال العام المستقبل وأشهده، ولا زال يلبس الأيام ويخلعها، ويستقبل الأهلة ويودعها، وهو محروس في دنياه ودينه، مستلئم من نوب الدّهر بدرع يقينه؛ وأعماله مقبولة، ودعواته على ظهر الغمام محمولة، والدّنيا ترعاه وهو يأبى رعيها، والآخرة تدّخر له وهو يسعى لها سعيها- من أيدي عدة من المسافرين، ولثقتي بهم ما قيدت أسماءهم ولضيق صدري بتأخير كتب المجلس ما حفظت ما جاء منه.

وما كأنّا إلا دعونا الله سبحانه دعوة الأولين أن يباعد بين أسفارنا «١» ، وأردنا أن يقطع بيننا وبين أخبارنا، فأجيبت الدعوة، ولا أقول لسابق الشقوة، بل للاحق الحظوة، فبان بأن مكابدة الأشواق إلى الأبرار، تسوق إلى الجنة ولا تسوق إلى النّار؛ وأقسم أنني بالاجتماع به في تلك الدار أبهج منّي بالاجتماع به لو أتيح في هذه الدار؛ فعليه وعليّ من العمل ما يجمع هنالك سلك الشمل ويصل جديد الحبل، فثم لا يلقي العصا «٢» إلا من ألقى ها هنا العصيان، وهنالك لا تقر العين إلا لمن سهرت منه ها هنا العينان، ولا وجه يجمع اسمي مع اسمه في هذه الوصية، مع علمي بسوء تقصيري، وخوفي من سوء مصيري، ولكن ليزيد سيدنا في وظائفه وعوارفه، فلعل فعله تفضل من فضله، مما يخلصني بقربه؛ فإنني أستحقّ شفاعته لشفعة جوار قلبي لقلبه، والخواطر في هذا الوقت منقبضة، والشواغل لها معترضة، وأيام العمر في غير ما يقرض من الدنيا والآخرة «٣» منقرضة؛ ومتجدد نوبة بيروت قد عمت كلّ قلب، وهاجت

<<  <  ج: ص:  >  >>