للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفيده، وإن استعظم هذا المأمول، واستقصر دون هذا المبذول، فالذي وقع أعظم من الذي يتوقع، والذي طلع أكثر من الذي يتطلع، والذي رأى أمس أكثر من الذي يسمع، وقد علم الله سبحانه أنه لا يريد دنيا يريدها لدنيا يتزيدها، ولكن ليقوى بها على تقوى يتزودها، فإن أعين على النّية، وإلا فقد حصل أجرها، وإن نجح جهد الإرادة في الدّنيا، وإلا فقد سرّ في الآخرة سرّها.

ومنه قوله: كلّ ما يرد على عبد المجلس- لا زلت المسارّ على جانبه واردة، والأيام بامتداد عمره واعدة- من أنفاسه العطرة، وكتبه البهجة النّضرة، ولاء رأيه التي تمطر من صدرت إليه صوب الصّواب، وتجعل لمن صدرت عنه ثوب الثواب، وتشهد له بالفضل الذي ليس له جاحد، وتذكرت بيت أبي عبادة «١» : [الطويل]

ولم أر أمثال الرّجال تفاوتوا ... إلى الفضل حتّى عدّ ألف بواحد

ثم سلك عبده غير هذا الجدد، ولا يقف عند هذا العدد، وينشد قول الآخر: [الطويل]

وما النّاس إلا قدحة أنت زندها ... وقطرة غيث أنت منشي سحابها

فلا عدمت دول الإسلام، وصدور الأيام، منه البقية الصالحة، والحسنة الراجحة، والسيف الذي يبلي الأيام فهي غمده، وينظم الساعات محاسن فهي عقده، وإن تأخرت خدم عبده عن مجلسه، وأمسك عن أن يقابل بدجاه نور قبسه، فقد علم أدام الله نعمته أن الطريق ليس بقاصد، والعدو ليس بواحد، وأن

<<  <  ج: ص:  >  >>