ظلّها، فلم يحمد أحد له ولا لسلطانه فعلا، ولا عدّ له ولا للأفضل «١» فضلا، وجلس للنّاس وقد لبس رداء الكبرياء، وسلب بحمقه وقار الكبراء، فأحرج الصّدور عليه وعلى ملكه، وأحوج المقدور بما لديه إلى مهلكه، فتميّزت الخواطر عليه غيظا، وأبرزت الضّمائر له برد القلوب قيظا، فأودع النّفوس ودائع الحنق، وأترع له الدهر العبوس مشارع الرنق، وخرج من دمشق في صناديق المطبخ مختبئا حين أخرج الأفضل منها، وكان ينتقص الفاضل والعماد وسائر الكتّاب، ويحط قدر الأفاضل، ويسخر بالنّاس، ويتوقف في قضاء الحوائج، ويحمل ملكه على جفاء أهله وقطع ذوي رحمه، ويبعد بينه وبين أقاربه، فلهذا مقت، وغضّ طرفه وبهت؛ وفيه يقول الشّهاب فتيان «٢» : [مجزوء الرجز]
متى أرى وزيركم ... وما له من وزر
يقلعه الله فدا ... أوان قلع الجزر
وفيه يقول ابن عنين «٣» : [الوافر]
كأن قفا الوزير عروض سوء ... يقطع بالبسيط وبالمديد
قذال لا يزال النّعل فيه ... كمنزل أحمد بن أبي الحديد
وكان كاتبا مطّلعا، مترويا بالعلوم مضطلعا، إلّا أنه كان متكلفا متطبعا، ومتعجرفا متصنّعا، وكان يتعاطى أكثر مما يستحقّ.