للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قوله في تفضيل الإحسان على الثناء:

الشكر أخف من الإحسان وزنا، وصاحبه يستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى، ولقد ربحت صفقته إذا باع أقوالا وحاز أموالا، وأعطى كلمات خفافا وأخذ عروضا ثقالا؛ ومن زعم أن شكر الشاكر أفضل من موهبة الواهب فقد أغلى القول فيما ليس بغال، وأتى ويده السفلى من مكان عال؛ وأيّ فضل لمن غايته أن يكون مجازيا لا موازيا، ومعاملا لا معادلا؟ وإذا أنصف علم أنه جاء أخيرا، ولا فرق بينه وبين من أعطي أجره فصار أجيرا، وما أرى الشكر إلا حديثا يذهب في الرياح لو لم تقيده مكارم السماح، فلا حاجة مع لسانها إلى الشاكر، وإذا نطقت الحقائب فقد أغنت بنطقها عن مديح الشاعر «١» .

ومنه قوله:

الخادم لا يشكو الأقوام، ولكن يشكو الأيام؛ فإن المعدى على قدر العدوى، والمشكو إليه على قدر الشكوى؛ وممّا يشكوه منها أنها تبادهه ولا تواجهه، وتسارره ولا تجاهره، ولو كان لها شخص للقيه بعزم مولانا فقارعه، أو أرهبه باسمه الكريم فوادعه؛ وهي عبيده، تجني وهو المطلوب بجنايتها، وإذا رأت بأحد عناية من جاهه قرنتها بعنايتها؛ والمملوك يطالب مولانا بأرش «٢» جراحها، ويسأله عناية تكف من غرب جماحها.

ومنه قوله في سرى النياق:

كم للركاب من يد لو علمتها لجعلت تراب أخفافها للعيون إثمدا، وخطط

<<  <  ج: ص:  >  >>