للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومغاربها، وبعيدها ومتقاربها: أنه ما رأى مدينة اجتمع فيها من الناس ما اجتمع في مصر والقاهرة وحواضرهما قال لي الصدر مجد الدين «١» اسماعيل السلامي، وقد سألته عن بغداد وتوريز، وهل يجمعان مثل مصر؛

فقال: في مصر خلق قدر كل من هو في جميع البلاد منها إلى توريز وغالب من فيها من العوام والباعة وأهل المهن والصنائع.

كما قال القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني رحمه الله: أهل «٢» مصر على كثرة عددهم، وما ينسب من وفور المال إلى بلدهم، مساكين يعملون في البحر، ومجاهيد يدانون في البر «٣» ، وأحمله على أنه قصد السجعة، إذ كل بلد فيها مجاهيد في أعمالهم، وما زال هذا في خاطري لا زيادة عندي عليه إلى أن أقمت بمصر، وسافرت في صحبة السلطان، غالب بلادها فرأيت خلقا ممن عليهم أرض مسجلة، قد ركب «٤» المنخفص فيها، ولم يركب العالي وهم وقوف كل اثنين على مستنقع ماء، وبأيديهما قفة بخيط في أذنيها، وهما يترفان الماء بها، ضربا باليد إلى ورائهما من نقرة محفورة، يجتمع ما ينزح منها، ثم يصرف في مجاري إلى تلك الأعالي، ثم التي لم يركبها الماء ليسقوها [١] ، وهم من هذا في جهد جهيد، وأمر شديد، فعلمت أن هؤلاء الذين أراد القاضي الفاضل رحمه الله مجاهيد يعملون في البر، فإنه ليس في البلاد أشد جهدا منهم وأنهم (المخطوط ص ٢٤١) ملزمون بدرهم معين، وأردب معين، فإن لم يعملوا هذا


[١] المقصود به الشادوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>