فمنها التّم «١» ، الذي هو أتمها صورة، وأعظمها سورة، قد علا على الغيوم لرمي بنادق النجوم، وخاض بحر الظلام، وعبّ فيه، وأخذ منه قطعة بساقيه وقطعة بفيه، حتى ورد على جبال من برد، فاكتسب منها رياشه، واكتسب من بياضها أرياشه.
ثم الكيّ «٢» ، الذي هو في طيرانه، واعتنانه في مضماره واستنانه، كالفارس في ميدانه، كأنه النجم في حالة الرجم، لو عارضه السماك لاقتلعه، أو الحوت لابتلعه.
ثم الإوز «٣» ، الذي يمشي متبخترا، وينقر متحذرا، كأنما يدوس على مثل حد السيف ويمتاز على أبناء جنسه برحلة الشتاء والصيف، يبيت على فرد رجل واحدة، ويرمق موهما أن عينه راقدة، وليست براقدة.
ثم اللغلغ «٤» ، الذي يوافي من بلاد الخزر، ولا يتقي من البندق سهام القدر، ولا يخشى أن تصيبه عين من الوتر، لا يحارب إلا بسحر الجفون من خزر العيون، ولا يستجن إلا من تدبيج الصدر بزرد موصون.
ثم الأنيسة «٥» ، تتهادى تهادي الطاووس، وتختال اختيال العروس، حتى تلتقط حبات القلوب، وتصيد سوافر النفوس؛ كم قطعوا في طلبها من أنهار نهار، وسمحوا بإنفاق أكياس النجوم من خزائن الليل وما فيها من درهم ودينار، فما فازوا بوصالها، ولا ظفروا إلا من على وجه الماء بطيف خيالها.