للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسم بالأمر الشريف أن يفوض إليه الإمامة بالمسجد الجامع بدمشق المحروسة، والخطابة بمنبره الكريم، عملا بالأولى في التقديم، واحتياطا للإمامة التي هي أثبت دعائم الدين القويم، فليحل هذه الرتبة التي لم تقرب لغيره جيادها، وليحل هذه العقيلة التي لا تزان بسوى العلم والعمل أجيادها، ويرق هذه الهضبة التي يطول إلا على مثله صعودها، ويلق تلك العصبة التي تجتمع للاقتداء به حشودها؛ ويعلم أنه في موقف الإبلاغ عن الله تعالى لعباده، والإنذار بما ورد عن الله ورسوله على مراد الله ورسوله لا مراده؛ وتحت منبره من الأعيان من إن تلقّ غيره القول بتقليده تلقاه بانتقائه وانتقاده؛ فيعتصم بالله في قوله وفعله، ويتيقن أن الكلمة إذا خرجت من القلب لا تقع إلا في مثله، وليجعل خطبة كل وقت مناسبة لأحوال مستمعيها، متناسبة في وضوح المقاصد بين إدراك من يعي غوامض الكلام ومن لا يعيها، وليوشح خطبته بالدعاء لإمام عصره، ومالك أمصار الإسلام مع مصره، وللأمة بعموم تخصيصه وحصره، وهو يعلم أنه يكون في المحراب مناجيا لربه، واقفا بين يدي من يحول بين المرء وقلبه، فليلجأ إلى الله تعالى في الإعانة بالإخلاص على هول مقامه، ويسأله التثبيت بالعصمة في مستقره ومقامه، وليراع من وراءه من أهل التكليف، وتكثّر جماعتهم بتجنب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا من ترك التخفيف، ولينظر في عموم استطاعتهم دون خصوصها؛ فإن فيهم العاجز وذا الحاجة والضعيف، وليحافظ على فروض الكفايات الوازعة، والسنن التي ينادى لها: الصلاة جامعة، وليغرس في كل قلب حبه، ليقوموا إلى الائتمام به وهم فارهون، وليعمل في البداة في ذلك بصلاح نفسه، فقد جعل صلى الله عليه وسلم ممن لا تجاوز صلاتهم آذانهم من أم قوما وهم له كارهون.

وله مما كتبه على قصيدة:

<<  <  ج: ص:  >  >>