ومنه قوله: وعلمنا ما ذكره من أمر الصقر الذي وقع له، وما لحظه فيه من القبول، فأرسله وحمله إلى حيث حمله، ووصل وقد طرز رقوم المحاسن حلله، وزانته بديباجة مكملة، وحلية مكللة، خالصا كالذهب، متوقدا كشرارة لهب، موشى الصدر كما طفت على الكأس فواقع الحبب، أو كروضة منها ما لم يخرج من الآكام، ومنها ما هب مع النسيم حين هب، حسن الاستعداد للتدريب، مدركا فإذا دعي يجيب، مظفرا كجد مهدية فلا يخيب، وقد قبلناه تبركا بما يهديه، واشتغلنا به اشتغالا حقق ما لحظه من القبول فيه، ورفعناه من يدنا الشريفة إلى رتبة لا يصل معها، وإن كان بغيرها يتيه، وقدمناه على ما عندنا من الجوارح على كثرة عددها، وغزارة مددها، كتقدم المقام على الملوك الصائلة في عديدها وعددها، فلو رآه وله في حلاوة الالتفات تشوف الريم، وفي طلاوة الإنصات دل الأغيد الرخيم، وإلى أغراض مرسله تشوف الواله إذا ظل يهيم، وإصابة الباع المستفيد بالسهم المستقيم، وعلى الصيد حرص الغريم على الغريم، وفي طلبه سورة الظالم وثورة الظليم، إن أعطي الكمة فحليم، وإن كشف عنه غطاؤه فبصره حديد، ورأيه حكيم، فاقترب، فيد تطلقه وأخرى تحتطب، وسابق يحصّل ما يجتذب ويجتلب، وسائق «١» يقد ثقة بعوائده ولا يرتقب؛ يهفو بقوادم أقوى من قوائم، وعزائم على النجح علائم، كأنه كبير قوم، أو ممسك لصوم، يعفو عما كسره، ويعف عن شره، إذا افترس حرس، وإذا أحرز حرز، وإذا أدرك ترك، ولكن من مخالبه في شرك، كأنه يعرف التحليل فيبقى للتذكية، أو يحب الثناء فيعمل على التزكية، حتى إذا أدى الأمانة، وقضى إدمانه، وسطا في صيانة، تنحى جانبا، وانتحى مجانبا، واحتشم هائبا، انطوى على الطوى، وأعرض مع الخوى