للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمر ومنه وهناك بقايا آثار.

وأما حواضر دمشق فهي كما قدمنا القول جليلة من جميع جهاتها وأجلها ما هو في جانبها الغربي والشمالي، فأما الغربي فإنها تفضي من تحت القلعة بها في ساحة فسيحة هي سوق الخيل على ضفة الوادي، ويخرج إليها من جوانب المدينة من أمتعة الجند فتباع في أيام المواكب بها وتنتهي فيما يليها من الوادي إلى شرقي محيطين به قبلة وشاما «١» في ذيل كل منهما ميدان أخضر النخيل، والوادي يشق بينهما، وفي الميدان القبلي منهما القصر الأبلق، بناه الملك الظاهر بيبرس البندقداري الصالحي [١] وظاهر من وجه الأرض إلى نهاية أعلاه بالحجر الأسود والأصفر مدماكا من هذا ومدماكا من هذا بتأليف غريب وإحكام عجيب، ويدخل من دركاه [٢] «٢» له على جسر راكبا بعقد على مجرى الوادي إلى إيوان يراني بطل على الميدان القبلي استجده أقوس «٣» الأقرم زمان نيابته بها، ثم يدخل إلى القصر من دهاليز فسيحة مشتمل قاعات ملوكية يستوقف الأبصار وتستوهب الشموس من أشعتها الأنوار بالرخام الملون قائما نائما في مفارشها وصدورها وأعاليها وأسافلها مموهة بالذهب (المخطوط ص ٢٦٢) واللازورد والفص المذهب وأزر من الرخام إلى سجق السقوف.

وبالدار الكبرى «٤» بها إيوانان متقابلان، تطل شبابيك شرقيها على الميدان الأخضر الممتد، وغربيها على شاطىء الوادي المخضر، والنهر به كأنه ذوائب


[١] الظاهر بيبرس البندقداري من مماليك الصالح أيوب، تولى السلطنة في مصر بعد قتله للسلطان قطز، استمر في ملاحقة المغول له آثار طيبة (انظر: العبر ٥/٢٤٧، القريزي ق ٢/٤٢٩- ٤٣١، ابن كثير ١٣/٢٢٠) .
[٢] حاكم دمشق هو نائب السلطنة لأنه تابع لسلطان مصر ويعين بفرمان منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>