هواديها من غباره المجارون. الأدب ذيل على فنون تجمّل بتيجانها، وتكمّل شانه بما تحمّل من شانها، وعلوم وزن المعارف بميزانها، واستودعها من خاطره وأحفظ خزّانها، وفصّل منها حللا خلع على الناس ما فضل من أردانها، وفضائل فضّت سحبها فملأ الفجاج بما فاض من غدرانها. البلاغة ما صاغه، والفصاحة ما أبان إيضاحه، وأطال غرره وأوضاحه، وسائر الفنون في ذهنه عجنت طينتها فاختمرت، وعن نظره أخذت بآفاق السّماء زينتها فأزهرت.
إليه يرجع إذا تشعبّت بالأقوال طرقها المبثوثة، وعليه تجتمع الآراء وكلّ قوّة مفكّرة قد مستها لوثة.
وقد أثنى عليه الثعالبي فقال «١» : فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقه العلم، وقبّة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، ويجمع خطّ ابن مقلة إلى نثر الجاحظ، ونظم البحتري، وينظم عقده الإحسان والإتقان في كلّ ما يتعاطاه، وله يقول الصاحب:[الطويل]
إذا نحن سلّمنا لك العلم كلّه ... فدع هذه الألفاظ ننظم شذورها
وقد كان في صباه خلف الخضر «٢» في قطع الأرض، وتدويخ البلاد ٢٤٢/من العراق/ والشام وغيرها، واقتبس من أنواع العلوم والآداب ما صار في العلوم علما وفي الكمال عالما انتهى ثناؤه المنصوص، وتقريظه الذي كأنّه نقش الفصوص.