للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمطلب ونوفل وعبد شمس، وأبو عمرو ومات صبيا ولم يكن له خبر مع إخوته، وكانت العرب وقريش كلها تسمى بني عبد مناف هؤلاء الأربعة فضاح النضار لشرفهم وجمالهم وبهائهم، وكانت قريش كثيرة التجارة إلا أنهم كانوا لا يخرجون من مكة والحجاز، وكانت الأعاجم تأتيهم بالبضائع فيشترون منهم ويبيعونهم، فأقاموا على ذلك زمانا طويلا حتى ركب هاشم بن عبد مناف فخرج إلى الشام فنزل بقيصر ملك الروم.

واسم هاشم يومئذ عمر العلي، فكان يذبح كل يوم شاة، ويصنع جفنه ثريد ويجعل اللحم عليها أوصالا، ويدعو من حوله فيأكلون معه، وكان هاشم من أحسن الناس وجها، وأكرمهم أخلاقا، فقيل لقيصر ها هنا رجل قريش يهشم الخبز، ويصب عليه المرق (الخطوط ص ٢٨٣) ويجعل عليه اللحم، وإنما كانت العجم تجعل المرق في صحاف واللحم في المرق ويلتدمون بذلك، ولم يكونوا رأوا الثريد فسمى هاشما بهشيم الثريد، وفيه يقول شاعرهم بمكة: [الكامل]

عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف

وهذا أول من فعله من العرب والعجم، فدعاه قيصر، فلما رآه وكلمه، أعجبه إعجابا عظيما، فقال له هاشم: أيها الملك إن لي قوما هم تجار العرب، فإن رأيت أن تكتب لي كتابا تؤمنهم فيه على أنفسهم وما معهم من المال والبضائع وغير ذلك فإنهم يقدمون عليك بما تستظرفه من أدم الحجاز وثمره وغير ذلك مما يصير إليهم ولا يبلغك من طرف البلاد، فأمر أن يكتب له كتاب جامع للعرب، وأخذه هاشم وسار فصار كلما جاء حيا من أحياء العرب على طريق الشام أخذ من أشرافهم إيلافا، والإيلاف أن يأمنوا عندهم وفي أرضهم على أنفسهم وأموالهم، وأخذ هاشم الإيلاف من جميع القبال ممن بينه وبين الشام حتى قدم مكة، فأتاهم بشيء لم يأتهم بمثله أحد قط فسروا بذلك سرورا عظيما، وخرجوا

<<  <  ج: ص:  >  >>