للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هبلتك أمك لو مررت بدارهم ... لحموك من جوع ومن إقراف

المطعمون إذا الرياح تناوحت ... والظاعنون لرحلة الإيلاف

والآخذون العهد من أكفافها ... والناهشون لمقدم الأضياف

عمرو العلى هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مستنون عجاف

قلت: وهذه خاتمة في ذكر الرحلة، جر الكلام إليها قربها من غزة، يقال أن الذي أحدثها سليمان بن عبد الملك بن مروان [١] ، وإن مدينة فلسطين كانت قبلها له، وأن سليمان وليها من قبل أبيه، وهو صبي، وكان معه من قبل أبيه من يدبره، ويشير عليه، والاسم في الإمارة لسليمان، وكان إلى جانب كنيسة لد بستان، حسن العمارة مليح الموضع، كثير الفواكه، وكان سليمان كثيرا ما يستحسنه، ويجلس فيه، ويستطيبه، فقال يوما للشيخ الذي يرجع إلى رأيه، وكان يسمى رجاء بن حيوة: أحب أن تشتري لي هذا البستان حتى أبني فيه من الأبنية ما يصلح لثلثنا، فكان البستان للقسيس الذي يتولى أمر الكنيسة، وأحضره رجاء وقال (المخطوط ص ٢٨٥) له ذلك فقال: سمعا وطاعة أحضرني القاضي والشهود حتى أشهد على نفسي بذلك، وأفرغ منه الساعة، فأحضرهم وحضر القسيس فقال لهم جميعا: ألستم تعلمون أن هذا البستان لي، وفي ملكي ويدي، لا مانع لي ولا معارض لي فيه؟، فقال له القاضي والشهود: نعم؛ يريدون بذلك تصحيح الملك، ليصح البيع، فقال لهم: أشهدوا الآن أنى قد حبسته على الكنيسة حبسا تبتلا لا رجعة لي ولا مثنوية فيه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فسقط في أيديهم وتم مكره، وعظم ذلك على من حضر،


[١] سليمان بن عبد الملك بن مروان ٥٤- ٩٩ هـ/ ٦٧٤- ٧١٧ م الخليفة الأموي السابع، أسس مدينة الرملة في فلسطين، وحاصر القسطنطينية، ولم يقو على فتحها توفي في دابق (المنجد في الأعلام ٣٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>