للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبكار لم يطمثهنّ إنس ولا جان. تخال خلال بيوتها دمى، وتظنّ خلال ريقتها سلافة راح لا لمى، وكان جزل القول كأنّه صليل سيوف، أو صرير أقلام في مخوف. فاض أيّتها على المدارج، وآض إلى/ ٤٠٨/الآكام يصعد بلا معارج، قد نوّر كلامه أضواء من المسارج، وتطوّر فكأنّه اطّرد من مأرج يانع المسارج، ضائع الأرج وهو ليس ببارج، وكان من تغلب في أسرة لا يجد لكلبها شفاء إلّا أن يجدّ في الدماء ولوغا، ولا تعدّ لمنقلبها إذ تعد إلّا نزوغا، ما تحلّت جيادها إلّا بتحجيل الصباح رسوغا، ولا حلّت راية للأعداء إلّا لتعقد عوضها لواء بالدماء مصبوغا.

منذ نظم حسدت الشّعرى شعره وودّ الغزال لو أنّ روقيه أحدهما له قلم والآخر لأبيه الخياط إبرة. ومن أبنائه أبناء سنى الدولة، وهم قضاة أخذت بأيديهم الأقلام من السهام سدادها، والسّجلات من النهار ما اتخّذت منه ومن الظلام مدادها. حكّام عرفوا الحقّ فسلكوا طرقه، وشرفوا السجل بعلائمهم بالقضاء وملكوا رقّة. وكان ابن الخياط في وقته ممّن له القدر العليّ، والصدر الرحيب لفضله الجلّي، وهو دمشقي الدار، شقي الحظ باللئام لا بغلبة الأقدار. هجي بما نبّه على جلالته، ونوّه بقدر أصالته، وشبّه على حسوده فأكدّ له المدح بما يشبه الذمّ، وأراد به النّقص في حقّه، وأراد الله خلافه فتّم، وتحيّل في إخفاء مسكه المتضوّع وريحه قد نمّ.

ومن شعره الذي هو الدرّ تتزيّن به إلّا أنّه العنبر الذي يشمّ، قوله: [الوافر]

إذا عاينت من عود دخانا ... فأوشك أن تعاين منه نارا «١»

وما همم الفتى إلّا غصون ... يكون لها مطالبه ثمارا

منها:

<<  <  ج: ص:  >  >>