لو نازع البحر غصبه مغاصه، ولو نازل الفلك لأزال اعتياصه. هذا يستّل درّه، وهذا يستلب زهره، وهذا يفاضل مدّه، وهذا يناضل سعده، وكلاهما دون ذهنه يقف، ومن صوب خاطره يكف. له قصائد موشّحه بالسّخب «١» ذات بيوت تقصر عن مطاولتها السّهب، ولا تسكنها إلّا الكواعب الأتراب والخرّد العرب، إلا أنه كان رافضّيا خبيث اللسان، مهينا لأعراض الرجال، يسهل عليه الهوان. لا يسلم أحد من هجائه، ولا تظلم في الذّم مواقف هيجائه، وبينه وبين ابن القيسراني العداوة المذكورة آنفا فلا تحتاج واصفا.
وهجا الصحابة رضي الله عنهم، ونال- لا نول الله أمله- ما شاء منهم.
وكان أبوه ساقطا وضيعا يغنّي في الأسواق، ويتغنّى وما هزّته الأشواق، ونشأ ابنه على هذا في الميل إلى التنقّل والأسفار، معهم في كلّ سفرة يقنع فيها من الغنيمة بالقفل، ثم أخذ الأدب عن مشايخ/ ٥١٩/سوء رفّضوه بل أبعدوه عن مطاولة النظراء، ورفضوه.
وذكره الحافظ ابن عساكر «٢» فقال: حدّث الخطيب السّديد أبو محمد عبد القادر بن عبد العزيز خطيب حماه قال: رأيت أبا الحسين ابن منير الشاعر في النّوم بعد موته وأنا على قرنة بستان مرتفعة فسألته عن حاله، وقلت له: اصعد إلى عندي. فقال: ما أقدر من رائحتي.
فقلت: تشرب الخمر؟ فقال: شرّا من الخمر يا خطيب. فقلت: ما هو. فقال: تدري ما