إلى الشّام، ثم رماه الزّمان إلى حصن كيفا، فأقام بها حتّى ملك السّلطان صلاح الدّين، فاستدعاه وقد جاوز الثّمانين» «١» انتهى كلامه.
قلت: وقدم عليه وقد أمسك الهرم بواعثه، وشدّ بإمساك العصا له رجلا ثالثة، وقد جاوز الثّمانين، وجاور ركائب إلى المنايا ما بين. وفي سنّه يقول: لمّا علّت ومرّت أيامه التي خلت، وقد وهن جلده، ووهى بنانه، ورعشت يده.
ويصف فيها ما آلت إليه أحواله وآصت، أقصر من أعمر الأيام أحواله، يتذكّر شبابه المفارق، وناب سنانه في صدر المارق، إذ كانت قناته تحرق لبّة الأسد، وتخلق له في قلب الشّجاع الحسد:[البسيط]
فاعجب لضعف يدي عن حملها قلما ... من بعد حطم القنا في لبّة الأسد «٢»
وله ديوان شعر رقيق الجلباب كخدود الغيد، تحيّر فيها ماء الشّباب. لا يصل إلى درّه الغوّاص، ولا يطّلع على سرّه إلّا الخواص.
ومما له يرشف ثغوره، وترهف كالسّيوف الحداد سطوره، قوله:«٣»[الطويل]