أنّها صناعة حلاوي ما عرفتها العرب، ولا ألفتها في مأدبات الأدب، ولا ألّفتها الألباب من لباب البرّ والضّرب، ولا جادت بتقريبها ذات جفون ولا جفان، ولا جاءت بضرب من ضربها شفة ولا لسان. ولا تطاول إلى منّها الحلاويّ حلاويّ الأري والشّراب، ولا ندّ مثل عبقها في نادي الأعراب. ولا ذاقت العين شبيه طعم حلاوتها في صحون خدود الكواعب الأتراب، ولا تجاسر النخل أن يساقط رطبه الجنيّ لمقابلتها، ولا النّحل أن يعرض شهده الشّهيّ لمشاكلتها، ولا مكرر السكران يبرز من غلفه الملبسة لمماثلتها. ومن معموله الغالي، وقوله العالي، ما أنشده له ابن سعيد:«١»[الطويل]
كتبت فلولا أنّ هذا محلّل ... وهذا حرام، قست لفظك بالسّحر «٢»
فو الله ما أدري أزهر خميلة ... بطرسك أم درّ يلوح على نحر
فإن كان زهرا فهو صنع سحابة ... وإن كان درّا فهو من لجّة البحر
وكان له فرس أصابه داء الحمر لزيادة علفه، فأمر غلامه أن يسيّره ليخفّ ثقله، فأهمل الغلام ما أمره به، فتشبّك صدره، فلام الغلام، فادّعى أنّه سيّره، فقال:«٣»[مجزوء الرجز]
ابن الحلاويّ أنا ... دع قولك المعلّكا
لو أنّه مسيّر ... لما غدا مشبّكا
ومما اخترته من شعره قوله، مما كتب به إلى بدر الدّين لؤلؤ، صاحب الموصل، ليلة نصف شعبان:[الطويل]