شعرا إلّا عظّموه كالمشاعر، ولا ينظرون له بيتا إلا كالبيت، ولا يقدّمون عليه سابقا، لو قلت: ولا امرأ القيس لما باليت. ومرّت له ولهم بالحمى أوقات لم يبق لهم من زمانها إلّا تذكّره، ولا من إحسانها إلّا ما تشكره. وأكثر شعره- لا بل كلّه- رشيق الألفاظ، سهل على الحفّاظ، لا يخلو من الأمثال العاميّة، وما تحلو به المذاهب الكلاميّة، فلهذا علق بكلّ خاطر، وولع به كلّ ذاكر، وعاجله أجله فاخترم، وأحرم أحبابه لذّة الحياة وحرم. ذكر شيخنا أبو حيّان وهو آخر من ذكره في مجاني العصر، وقال: مولده بالقاهرة في عشر جمادى الآخرة، سنة إحدى وستين وستمئة، ومما أنشد له قوله في طبّاخ:«١»[مجزوء الرمل]
ربّ طبّاخ مليح ... فاتر الطرف غرير
مالكي أصبح لكن ... شغّلوه بالقدور
وقوله:«٢»[السريع]
أسير أجفان بخدّ أسيل ... كليم أحشاء بطرف كليل «٣»
في حبّ من حظّي كشعر له ... لكن قصير ذا وهذا طويل «٤»
ليس خليلا لي ولكنّه ... يضرم في الأحشاء نار الخليل «٥»