(٢٠٣)
قاد الجنود من الفسطاط حين طغى ... الطاغي وكاد عمود الملك ينحرف
بهمّة كالدراري وهي طالعة ... وعزمة كالمواضي وهي ترتهف
لقد غزا غزوة تحكي بطلعته ... غزاة بدر بلا ريب كما وصفوا
وافى طباق موافاة العدوّ ولو ... تواعدوا للقاء الخيل لاختلفوا
في فيلق تلبس الأرض الحديد به ... وتحجب الجوّ من آثاره السّجف
خيل لها طرف بالنيل متصل ... وبالفرات إذا امتدت لها طرف
وغلمة من كماة الحرب تحسبهم ... تحت الدّروع شموسا فوقها سدف
من كلّ أهيف بالخطّيّ معتقل ... فالرمح والقدّ منه اللام والألف
يحمي بصارمه ثغريه ذاك له ... ثغر الجهاد وهذا الثغر يرتشف
ففي اللقاء تراه باسلا خشنا ... وفي التلاقي على أعطافه ترف
رمى كتائب غازان بعسكره ال ... غازين إذ دلفوا بالبغي وازدلفوا
حمى حمى حوزة الإسلام ثم محا ... آثار ما شوّهوا فيها وما خسفوا
أتوا كراديس ترتجّ الجبال بهم ... كأنهم قطع الظلماء والكسف
ما زال خذلانهم في سيرهم خببا ... إلى مصارعهم يجري فلا يقف
حتى رأوا من جنود الله دونهم ... سدّ الحديد وبحر الموت فانصدفوا
وشاهدوا علم الإسلام مرتفعا ... بالعدل فاستيقنوا أن ليس ينصرف
لقّاهم الفيلق الجرّار فانكسروا ... خوف العوامل بالتأنيث وانصرفوا
يا مرج صفر بيّضت الوجوه كما ... فعلت من قبل والإسلام مؤتنف
للمؤمنين من الرحمن فيك بدا ... فتح فأنت بنور النصر ملتحف
أزهر روضك أزهى في تفتّحه ... أم يانعات رؤوس فيك تقتطف
غدران أرضك قد أضحت لواردها ... ممزوجة بدماء المغل تغترف
زلّت على كنف المصري أرجلهم ... فليس يدرون أنّى تؤكل الكتف