وهو ممن أخذت عنه العروض، وكان فيه إماما، وقطّعت بحوره لا أرد الماء إلا حماما. وتعلمت منه علم القوافي، وطرت في دقيقه وجليله بالقوادم والخوافي.
وكانت حانوته بقيسارية الصاغة بدمشق سوق ذهب وأدب، كلاهما إبريز، وهما ما هما وله فيهما التبريز. وله أوفر قسم من النحو والعربية والمقامات (٢١٤) الحريرية، وسائر المواد الأدبية. ومن أشعاره المولدة العربية الذهبية، قوله: [الكامل]
وتخيّروا تلك الحزون منازلا ... بالحزم للأمر الأشدّ الأصعب
ملأت خيامهم الجهات فلم يكد ... للقرب يفرق مضرب من مضرب
ومنه قوله يذكر حريق بلد أخذ منه الكفر: [الكامل]
طهّرتها من أهلها بدمائهم ... وجعلت باسمك ربعها مأنوسا
أمهرتها عزما ملأت به الدّنى ... ولقد ملكت كما بذلت نفيسا
ورميت فيها النار تطهيرا لها ... مثنى فمنها الشّرك عاد يؤوسا
فكأنّها والنّار في جنباتها ... نبت به الشّيطان غرّ مجوسا
وسلبتها مما حوته ذخائرا ... وجواهرا ونفائسا ونفوسا
وتركتهم برا وبحرا جيفة ... من بالقصور يظنها ناووسا
ومنه قوله في فتح عكا وصور: [الكامل]
قلقلت أرض الشام عند دخولها ... ركضا بجيش كالسحاب عرمرم
قد كان وجه الشمس غير مبرقع ... لولاهم والبدر غير ملثّم
فأريت عكاما بعمورية ... رأت الفوارس في الزمان الأقدم
فتح محيّا الدهر موسوم به ... وزمانه في دورة كالموسم
ما الرأي إلا عند قلب ثابت ... والسيف إلا في يمين مصمم
قد حزت صورا في تقضّي فتحها ... فبشكرك الإسلام رطب المبسم