وحكى عنه بعض أقاربه، أن الملك المنصور صاحب حماة، خرج إلى باب الشجريات بالمعرة، وشهاب الدين في صحبته، فاحتاج شهاب الدين إلى الخلاء، ولم يكن من رأيه دخول الخربشت، «٢» وكان الفضاء مسدودا بالوطاق الظاهري، وهو إذ ذاك مخيم به، فصعد شهاب الدين إلى شجرة تين ليتخلّا، والملك المنصور يراه، ولم يعلم ما يصنع، فجهز شخصا لينظر ما يفعل، فقال: خذ! وسلح عليه، حتى ملأ وجهه وعينيه. فقال: ويلك، ما هذا؟ فقال: أطعمتك من التينة. فأتى الملك المنصور الخبر، وفهم الصورة، فانقلب يضحك حتى أغشي عليه.
وحكي أنه اجتمع يوما هو ونور الدين ابن هلال الدولة مقدم يمن بكفر عامر، في مجلس لهو فيه شيء من آلات الطرب، فأخذ شهاب الدين آلة منها ليضرب بها على سبيل العبث، وكان لا يعرف هذا، وابن هلال الدولة متهم بالرفض، فقال له ابن هلال الدولة: أحسنت، بالله سمّعنا غليظ ما نكره، فقال: رضي الله (٢٢٢) عن أبي بكر وحكي عنه، ثم حكى هو لنا عن نفسه، أنه كان عند واحد الدهر القاضي كريم الدين عبد الكريم الناصري في خيمة جمع القرّاء بها بالقرافة، وأنه أوى إلى القاضي علاء الدين، علي بن الظاهر، وجلس إليه يحدثه، فبعث إليه بآخر هناك يعرف بالطواشي معاوية، يقول له: بقيت نوبتي، يعني قم تعال إليّ، وألحّ عليه. فقال له: ويلك! من يخلّي عليّا ويروح إلى معاوية؟ فيما أوردناه مقنع، وفي بعضه ممتع.
ومما أنشدنا من شعره تلفظا أو إجازة قوله:«١»[السريع]