أمسك الكلبتين يا صاح فاعجب ... من غزال في كفّه كلبتان
وحكي أنه كان قد دعاه صاحب له ليضيفه، فلما جاءه قال له. اقلع قماشك واقعد عندنا اليوم. فلما قلع قماشه واطمأن، سرق جبّته وخبّأها على سبيل اللعب. ثم جاءه بصحن كبير مغطى، فلما كشفه لم يجد فيه إلا سبع حبات من القطائف في غاية الصغر. فقال: ويحك! ما هذه؟ فقال له: كل، فإن استطبتها زدناك. فلما أكلها لم يأته بشيء آخر، ثم أمره بالانصراف. فلما قام لينصرف، لم يجد جبّته، فسأل عنها. فقال له: أخذناها ثمن القطائف التي أكلتها.
فقال:«١»[مجزوء الرجز]
قل للذي ضيّفني ... في بيته سبع لقم «٢»
ورام أخذ جبّتي ... هذا على الرطل بكم
قلت: وعلى طول مدته في ديوان الدرج، واسترزاقه بقلم الإنشاء، وما يتلاطم في حفظه من أمواج المراد، ما تعاظم إلا لديه من وافر الفضل (٢٢٥) لا يذلّه في تنميق النثر، ولا في تحقيق طريق الكتابة، بل هو مخلّى فيها، ونفسه يركد ولا يهب، ويقعد ولا يقوم، حتى في كتب السفيل، لا يرضى منها له كتاب، ولا تحلّى بشيء مما عنده من الأدب، بل هي في معزل، والكتابة في مغزل، وقد سدّ بينهما باب، وضيّع خازنه المفتاح، حتى لا يفتح ذلك الباب.
انتهى كلامنا فيه.
وهذا آخر ما ذكرت من شعراء الجانب الشرقي، ممن ضمت حنايا القبور أسرارهم، وأخفت مغارب اللحود أقمارهم، ووسدهم التراب حشاياه، وكدّر