تعب، وهنيّا لم يستصعب. أو ما سامح به من حقوق متجره، ويصالح به على مالا يقوّم من جوهره. ووفد على سلطاننا متشرّفا بمدحه، تشوّفا إلى منحه، فأقبل عليه بفضله ووصله، ملء حقيبة رحله. ثم عاد إلى ماردين، مصاحبا لملوكها الكرام، مواظبا لهم دون سائر الندماء. وتردد إلى حماة، أيام الملك المؤيد عماد الدين، أبي الفداء إسماعيل، ثم أيام ابنه الأفضل. وما منهما إلا من كان يعدّ لوفوده الليالي، ويعدّ لوروده الذهب ثمنا للآلي. وهو اليوم باق يمتاح، وحي إليه كلّ قلب حيّ يرتاح. ومن شعره الغرد، وسلسله المطّرد قوله:«١»[الكامل]
لولاك ما نافقت أهل مودّتي ... وظللت فيك نفيس عمري أنفق
وصحبت قوما لست من نظرائهم ... فكأنّني في الطّرس سطر ملحّق
وقوله:«٢»[الكامل]
وأغرّ أدهم ذي حجول أربع ... مبيضّها يزهو على مسودّه «٣»
خلع الصّباح عليه سائل غرّة ... منه، وقمّصه الظّلام بجلده
قلق المراح، فإن تلاطم خطوه ... ظنّ المطارد أنّه في مهده
أرمي الحصى من حافريه بمثله ... وأروع ضوء الصّبح منه بضدّه