العقود، وتصرّف بها تصرّف سليمان بن داود. لم يبق عروض حتى زخر له بحره، ولا سرّ بلاغة حتى ضمّ عليه صدره، ولا تفنّن أهل غرب أو شرق حتى جمع، وتفنّن فيه حتى قصر دونه كلّ طمع، مما ينافس فيه البديع، ويجانس وشي صنعاء حسنه الصّنيع، وينشر ملاءات الحبر من فكره السحابيّ أبو الربيع، مما تقذف به السّفن والرّكاب، وتجري الريح بأمره مسخّرة حيث أصاب، لمحاسن أبعد فيها وأبدع، وظلّ بها كلّ من حضر مجلسه السّليمانيّ وكأنه الهدهد يسجد ويركع. هذا ونشره يلوح على الأسارير، وندى وجهه تخوضه (٢٨٦) العيون ثم تقول إنّه صرح ممرّد من قوارير.
ومن شعره الذي يروق، ودرّه الذي يفوق، قوله:[الوافر]
أروم وصاله فيصدّ قلبي ... بلحظ قد حمى رشف الثّنايا
فبين لحاظ عينيه وقلبي ... وبين الوصل معترك المنايا
وقوله:[المتقارب]
ولما انقضى وقت توديعها ... عشيّة بين وجدّ السّفر
وقفت بجسم يريها السّها ... وسارت بوجه يريني القمر «١»