للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد أن يتظاهر في بلاد بمحرم، وأشد ما ينكر على الخمر، ويقيم الحد فيه، ويبالغ في تأديب من يتعاطاه من المقربين إليه.

حدثني السيد الشريف تاج الدين ابن أبي المجاهد الحسن السمرقندي أن بعض الخانات [١] الأكابر بدهلى، كان يشرب الخمرة، ويدمنها، ويصر عليها، وكان ينهى فلا ينتهى، فغضب عليه هذا السلطان غضبا شديدا، وأمسكه، وأخذ أمواله، فكان بحمله ما وجد له أربعمائة ألف ألف مثقال، وسبعة وثلاثون ألف مثقال ذهبا أحمرا، وفي هذه الحكاية كفاية في مبالغته في إنكار المنكر، وفي سعة أموال هذه البلاد، فإن هذا المال إذا حسب «١» بالقناطير المصرية كان ثلاثة وأربعين ألف قنطار أو سبعمائة قنطار ذهبا، وهذا مما لا يكاد يدخل تحت حصر ولا إحصاء.

وحكى لي هذا الشريف حسن السمرقندي، وهو ممن جال الأرض وجاب الآفاق، عن أموال هذه البلاد وما تحار العقول فيه من مثل هذا أو أشباهه، وله من وجوه البر، والصدقات ما تسطره الدنيا في صحائف حسناتها، وترقمه الأيام في غرر حياتها، سمعت منه أحاديث جملتها ما علمت تفصيلها حتى حدثني الشيخ المبارك «٢» مبارك أن هذا السلطان يتصدق في كل يوم بلكين [٢] لا أقل منهما، يكون عنهما من نقد مصر والشام ألف ألف وستمائة ألف درهم في كل يوم، وربما بلغت صدقته في بعض الأيام خمسين لكا، ويتصدق عند رؤية كل هلال من كل شهر بكلين، عادة دائمة لا يقطعها، وعليه راتب مستمر لأربعين ألف فقير () ، لكل واحد منهم في كل يوم درهم واحد وخمسة (المخطوط ص ٢٥) أرطال خبز قمح أو أرز، وقرر ألف فقيه في مكاتب أرزاقهم على ديوانه، تعلم الأيتام وأولاد الناس


[١] الأمراء الكبار.
[٢] بلكين مثنى لك، والك مائة ألف (انظر الدخيل في لهجة أهل الخليج ١٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>