الآخذة إلى أمحرة وسائر بلاد الحبشة، وتجار هذه البلاد الحبشية «١» ناصع «٢» وسواكن «٣» ودهلك «٤» ، وليس بها مملكة مشهورة، ولا لها أخبار مذكورة، وكلّها مسلمون قائمون.
وأرضها أصعب مسلكا لكثرة جبالها الشامخة، وعظم أشجارها واشتباكها بعضها ببعض حتى أنه إذا أراد ملكها الخروج إلى جهة من جهاتها يتقدمه قوم مرصدون لإصلاح طرقها بآلات لقطع أشجارها ويطلقون فيها نارا لحريقها، وأولئك القوم كثير عددهم، ولم يملك بلادهم غيرهم من النوع الإنساني لأنهم أجبر بني حام، وأخبر بالتوغل في القتال والاقتحام، طول زمانهم مسافرون، وفي صيد وحش البرّ راغبون، ومما يدلّ على قوة جنانهم أنهم لا يلبسون ولا يلبسون خيلهم عند القتال شيئا، والمشهور عنهم مع ما لهم من الشجاعة (أنهم) يقبلون الحسب، ويصفحون عن الجرائم، والمصطلح بينهم أنّ من رمى سلاحه في القتال يحرّمون قتاله، والمجرم يتحسّب [ببرّ القادر]«٥»(٤٨٥) عليه فيتجاوز عن ذنبه، وقيل فيهم خلّة حسنة أيضا أنهم يحبون الغريب ويكرمون الضيف، ويحقق ذلك إكرام النجاشي قريشا عند ما هاجروا إليه، ويقال إنه قلّ أن يوجد عندهم رياء، والصديق عندهم