للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخره، وأحبّ الوقوف على هذا وولع به، فجهّز مئين [المراكب] «١» مملوءة من الرجال وأمثالها مملوءة من الذّهب والماء والزّاد ما يكفيهم سنين، وقال للمسفّرين فيها: لا ترجعوا حتى تبلغوا نهايته [أو] «٢» تنفد أزوادكم وماؤكم، فساروا وطالت مدة غيبتهم لا يرجع منهم أحد حتى مضت مدة طويلة، ثم عاد مركب واحد منها، فسألنا كبيرهم عما كان من أثرهم وخبرهم، فقال: تعلم أيها السلطان أنّا سرنا زمانا طويلا حتى عرض (لنا) في لجّة البحر واد له جرية قوية وكنت آخر تلك المراكب، فأما تلك المراكب فإنها تقدمت فلما صارت في ذلك المكان ما عادت ولا بانت، ولا عرفنا ما جرى لها، وأما أنا فرجعت من مكاني ولم أدخل ذلك الوادي، قال: فأنكر عليه، قال: ثم إن ذلك السلطان أعدّ ألفي مركب، ألفا له وللرجال استصحبهم معه، وألفا للزاد والماء ثم استخلفني وركب بمن معه في البحر المحيط وسافر فيه، وكان آخر العهد به وبجميع من معه وانتقل إليّ الملك.

قال ابن أمير حاجب:

ولقد كان هذا السلطان مدّة مقامه بمصر قبل توجهه إلى الحجاز الشّريف وبعده على نمط واحد في العبادة والتوجّه إلى الله عزّ وجل كأنّه بين يديه لكثرة حضوره، وكان هو ومن معه على مثل هذا مع حسن الزيّ في الملبس والسكينة والوقار، وكان كريما جوادا كثير الصّدقة والبر، خرج من بلده بمائة وسق جمل «٣» من الذّهب أنفقها في حجّته على القبائل بطريقه من بلاده إلى مصر ثم بمصر ثم من مصر إلى الحجاز الشريف في التوجه والعود حتى احتاج

<<  <  ج: ص:  >  >>