على أني رأيت أبا الحسن مولى الحرة «١» - رحمه الله- كان ممن له تحقيق بهذا الشأن قد ظنّ أن الماميثا الإشبيلية المزروعة في البساتين مميثا صحيحة. وقد كنت أنا أظن ذلك قبل «٢» ، وجعل الفرق بين الخشخاش الساحلي وبين الماميثا الإشبيلية النكتة النعمانية الموجودة في ورق الخشخاش الساحلي، وقال: إن هذا الفرق بين الماميثا البستانية- على ظنّه- وبين الخشخاش المقرّن، وهذا الفرق ليس بصحيح، فإن الخشخاش الساحلي، وإن كان كما قال، فإن منه في السواحل أيضا ما لا نكتة فيه، وزهره كله أصفر، وكذلك تجد الماميثا المحققة «٣» أيضا النابتة في البراري في زهرها المنكّت وغير المنكّت، لكن الفرق الثالث الذي لا يشكل ولا يحتاج معه إلى فرق آخر.
وقد خفي على من مضى من الأطباء المحدثين، فلم يعلمه كثير من المتأخرين أن الخشخاش الساحلي فيه «٤» الحبّة المنكّتة وغير المنكتة.
والماميثا المحققة النابتة في البر مستأنفة الكون، في كل سنة تتحطم عيدانها في الصيف، والمزروع من الخشخاش الساحلي بالبساتين المسمى ماميثا عند أهل إشبيلية، فإن الذي ينبت منه على الأصل تتحطم أغصانه وتبقى أرومته، ينبت منها في العام «٥» المقبل فاعلم ذلك وتحققه، فقد أوضحت لك القول في هذا الدواء الكثير المنافع العظيم الفائدة في علاج العين وغيره.