وقواعد الشعراء أن ينشدوا بين يديه في الأعياد والخروج إلى الأسفار أو القدوم منها.
قلت: ومواضع مما ذكره ابن سعيد قد تقدم شيء منه، وإنما ذكرناه هنا لاتصاله شيئا بشيء، وليؤكد بعضه بعضا، وليعلم في بعض ما بينهما مقدار التّفاوت مما تغيّر مع قرب الزمان واقتفاء الولد لآثار الوالد، وكيف يكون مقدار التفاوت فيما يغيّر بدخول دول الأعداء بعد الأعداء وبعد الزمان.
قلت: وهؤلاء ملوك الموحدين لم يزالوا منذ ملكوا ممد (و) حين تصغي إلى المديح مسامعهم، وتهتزّ به أنديتهم ومجامعهم، ومنهم من له النظم الفائق والنثر الفائت، ولأهل إفريقيّة لطف أخلاق وشمائل بالنسبة إلى أهل برّ العدوة وسائر بلاد المغرب، وما ذاك إلا بمجاورتهم لمصر وقربهم من أهلها ومخالطتهم لهم ولمن سكنها من أهل إشبيلية «١» ، وهم من هم خفة روح وحلاوة نادرة، وهم على كلّ حال أهل انطباع وكرم طباع، وسأذكر لهم عنوان قولهم.
وأما اتصال الأخبار بين السلطان ونوابه، فإنّه إذا كتب الكتاب يجهّز مع من يقع الاختيار على تجهيزه من نوع النقباء أو الوصفان، وهم عبيد السلطان، ويركب ذلك المجهّز على بغل إما أن يكون ملكا له، أو يستعيره من أصحابه، ويسافر عليه إلى الجهة المجهّز إليها، فإذا أعيا بغله في مكان تركه عند الوالي بذلك المكان، وأخذ منه بغلا عوضه يعيره الوالي له، أو يسخره من الرعايا لركوبه إلى أن يبلغ جهة قصده إلى أن يعود، ووالي المدينة هو المسمى عندهم بالحافظ والمحتسب (٥٢٧) بها، فإذا تجدّد عندهم أمر أعلموا به وزير الجند.