للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أشرف نعم الله تعالى على عباده، إذ به قوام أمور الدنيا ونظام أحوال الخلق، لاضطرارهم إليه في حاجاتهم، فإن كل إنسان محتاج إلى أعيان كثيرة من مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه وسائر حاجاته، ولعله [لا] «١» يملك ما يستغني عنه كمن يملك (٨٠) الثياب، فلا بد من متوسط يرغب فيه كل أحد، فخلق الله الدراهم والدنانير متوسطين الأشياء حتى يبذلا «٢» في مقابلة كل شيء، ويبذل في مقابلتهما كل شيء، كالقاضيين بين الناس يقضيان حوائج كل من لقيهما. ولهذه العلة فخّم الله تعالى أمر كنزهما وإخفائهما، فقال وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ

«٣» الآيات. لأن المقصود منها تداولها بين الناس لقضاء حوائجهم، فمن كنزهما فقد أبطل الحكمة التي خلقا لها.

وذكر بعض العلماء أن عزة الذهب ليس لقلة وجوده فإن الذهب أكثر من النحاس والحديد، وكيف لا؟ وأنه دائما يستخرج من المعادن ولا يتطرق إليه القوى والتلف بخلاف النحاس والحديد، فإنهما يتلفان بطول المكث، بل السبب في ذلك أن من ظفر بشيء منه دفنه، فالذي تحت الأرض أكثر من الذي يتعامل عليه الناس.

ومن خواصه ما ذكر أرسطاطاليس أنه يقوي القلب، ويدفع الصرع إن علق على إنسان، ويمنع الفزع؛ ومن اكتحل بميل ذهب جلا عينيه وقواها، وحسّن النظر؛ وإن ثقبت شحمة الأذن بإبرة من ذهب لم يلتحم، وأن كوي به مكان جرح لم ينفط «٤» وبرأ سريعا.

وقال ابن سينا «٥» : إمساكه في الفم يزيل البخر، وينفع من أوجاع القلب والخفقان وحديث النفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>