المعدنية كثيرة لا يعرف الناس منها إلا القليل، ولا بد من إيراد ما وصلت القدرة الإنسانية إليه على قدر التحصيل، وما ذاك من عجائب صنع الله فيه إلا القليل، فنقول:
إن الأحجار- كما قلنا- منها ما هو صلب لا يذوب بالنار، ولا يعمل فيه الفؤوس، كأصناف اليواقيت، ومنها ما هو تراب رخو يذوب في الماء كالأملاح والزّاجات، ومنها ما هو نبات كالمرجان «١» ، ومنها ما يخرج من الحيوان كالدّر واللآلئ، ومنها ما يتولد في الهواء كأحجار الصواعق، ومنها ما ينعقد في الأرض بواسطة الماء للعلل المذكورة أولا، ومنها ما هو مصنوع كإقليميا «٢» الذهب والفضة والزنجفر والزنجار، ومنها ما بينهما ألفة كالذهب والماس، فإن الماس إذا قرب من الذهب تشبث به حتى إنه يقال أن الماس لا يوجد إلّا في معادن الذهب، ومنهما ما بينهما مجاذبة شديدة (٨٧) حتى إن كل واحد منهما يجذب الآخر إليه كالعاشق والمعشوق، كالحديد والمغناطيس، فإن بين هذين المعدنين ميلا شديدا، فإذا شمّ أحدهما رائحة الآخر سرى إليه وأمسكه إمساكا شديدا، ولم يفارقه إلا بجاذب يجذبه، ومنهما ما بينهما مخالفة كالسنبادج وسائر الأحجار، فإنه يحكها ويجعلها ملساء، وكالأسرب والماس فإن الماس يقهر سائر الأحجار، والأسرب يقهره، ومنها ما فيه قوة منظفة كالنوشاذر فإنه ينظف سائر الأحجار من الوسخ، وجميع ما قلناه ليس جامعا لخواص الأحجار ولكن أوردناه على سبيل التعجب والمثال ليكون لحكمة الله تعالى في إيجاده الوجود على سبيل الأنموذج، وإلّا فالأمر أعظم مما ذكر، وإلا فما وصل الناس كلهم إلّا إلى قليل من كثير، وهذا حين نذكر الأحجار مرتبة على حروف المعجم على ما