المتين لو عمروا المدارس لينتشر العلم، ويتوفر الطالب على النفقة ولا تنقسم أفكاره، وتتشعب في طلب المعاش والاكتساب فيقلّ تحصيلهم. وأقول: فالأمر على ما ذكره ابن سعيد الآن في قلة الأوقاف والمدارس عندهم، وفي جمهورهم البخل وسوء الخلق، إلا الرؤساء، فإنّ الرئيس في كل أفق مطبوع على الرئاسة أو منطبع بها، له أتباع يحتاج (أن) يبسط لهم خلقه ويده، وأن لا يتجنبه من لا يعرفه، وينفر عنه من يعرفه.
وقال ابن سعيد:
والمغرب قليل الصواعق والزلازل.
قلت: ومكان السلطان من برّ العدوة هو بفاس الجديدة (٥٣٠) المسماة بالبيضاء «١» في دار لا يختصّ فيها بزيادة رفعة على نشز ولا ربوة، وتسمى القصر، وهو عالي البناء ذو قباب علية ضخمة لائقة بالملوك، وغرف مرتفعة ورفارف علوية، ومجالس سلطانيّة، وبداخلة القبة المعروفة بقبة الرّضا، وهي قبة عظيمة الارتفاع خارقة الاتّساع، وقدّامها بركة ممتدة بها مركب لاتساعها وكبرها، وخلفها بركة أخرى مثلها، بها مركب آخر لاتساعها وكبرها، ومساحة البركتين واحدة، والقبة العظمى بينهما، وفي نهاية كلّ بركة قبة لطيفة المقدار، وفي جميع جدر القباب شبابيك مطلة، والبستان حافّ [بالجميع]«٢» ، وهو بستان جليل منوّع بصفوف الأشجار والغراس على اختلافها، ويجري الماء إلى قصر السلطان