حرارتنا الغريزية تفعل في الياقوت المشروب إحالة وتخليطا وتمزيجا بجوهره «١» بجوهر البخار «٢» الروحي كما تفعل في الزعفران وغيره. وبالجملة فبعيد أيضا أن نقول إن الياقوت ينفعل في صورته عن الحار الغريزي، ثم يحدث منه فعله، فإن جوهره- كما يظهر- جوهر بعيد جدا عن الانفعال، فيشبه أن يكون فعل الحرارة الغريزية غير مؤثر في جوهره، ولا في أعراضه اللازمة لصورته، ولا في أعراضه اللازمة، ولكن في آنيته «٣» ومكانه العرضيين، أما في آنيته فبأن ينفذه مع الدم إلى ناحية القلب، فيصير أقرب من المنفعل، فيفعل فعلا أقوى.
وأما في كيفيته فتسخّنه، ومن شأن السخونة أن تثير الخواص، وتنبه «٤» القوى كالكهرباء «٥» ، فإنه إذا قصّر في جذب التبن حكّ «٦» حتى يسخن، ثم قوبل به التبن فيجذبه، فيشبه أن يكون غاية تأثير طبيعتنا (٢٠١) في الياقوت.
هذا ويكون فعله زيادة إفاضة لما يفيض منه طبعا وزيادة تقريب. وما شهد به الأوّلون من تفريح الياقوت إمساكا في الفم دليل على أنه ليس يحتاج في تفريحه إلى استحالة في جوهره وأعراضه اللازمة، ولا إلى مماسة المنفعل عنه، بل قوته المفرحة قابضة عنه إلا أنا نقوي «٧» فعلها بالتسخين والتقريب كما في سائر الخواص. ويشبه أن تعلل «٨» هذه الخاصية بما فيه من التنوير بشفّه والتعديل بمزاجه «٩» .