والأهوية، واختلطت بتربة تلك البقاع، ومكثت زمانا هناك، وحرارة المعدن تعمل دائما في إنضاجها وطبخها وتصفيتها، فتصير تلك الرطوبة المائية بما تخلّط بها من الأجزاء الترابية، وما يكتسب من ثقلها وغلظها بطول الوقوف وإنضاج الحرارة لها، كبريتا محرقا. فإذا اختلط الزئبق والكبريت مرة ثانية وتمازجا، والتأثير بحالة تركب من امتزاجهما «١» الجواهر «٢» المعدنية وأنواعها، كما ذكرنا من قبل، فلا نعيده.
أما الزئبق، فإنه يتولد من أجزاء مائية، اختلطت بأجزاء أرضية لطيفة كبريتية، اختلاطا شديدا، حيث لا يتميز أحدهما من الآخر، وعليه غشاء ترابي «٣» ، فإذا اتصلت إحدى القطعتين بالأخرى، انفتح الغشاء وصارت القطعتان واحدة، والغشاء محيط بها كقطرة الماء، (إذا وقعت على التراب فإنها قد تبقى (٢٠٥) مدورة، وتحيط بها الأجزاء الترابية، وربما أصاب تلك القطرة قطرة أخرى، وانشق ذلك الغلاف «٤» ، وصارت القطرتان [قطرة] واحدة، وأحاط بها الغلاف البرّاني) «٥» . وأما بياضه فبسبب صفاء ذلك الماء، ونقاء التراب الكبريتي الذي ذكرناه.
قال أرسطو: الزئبق من جنس الفضة إلا أن الآفات دخلت عليه في معدنه، والآفات ما ذكرناه في الرصاص.
وقال في بعض كتبه «٦» : حجر الزئبق حجر ينحل في تركيبه، ويكون في