الشمس حتى صار ما فيه من الرطوبة دهنا لطيفا حارا خفيفا، ولذلك أسرع إيقاده «١» لأنه شديد الحر «٢» ، فتسرع إليه النار بمرة، لأن النار تطلب من الرطوبة آخرها لقربها منه بطريق واحد، والدليل على ذلك أن الأشياء الرطبة الباردة اليابسة لا تحرق لمضادتها النار بطرفيها، والأشياء الباردة لا تحرق لأنها لا رطوبة فيها، وإنما غذاء النار الرطوبة لأنها صاعدة لا تقيم في أسفل إلّا معلقة بماء يجذبها إلى أسفل، كما لا يقيم الحجر في الجو إلّا بما يعمده.
وقال جالينوس في كتاب الأدوية الموجودة بكل مكان: الكبريت النهري هو كبريت القصّارين. وقال مرة أخرى: كبريت القصارين هو كبريت الماء. وقال في المقالة السابعة من مفرداته: كل كبريت قوته قوة جلائه، لأن مزاجه وجوهره لطيف، ولذلك صار يقاوم ويضاد سم ذات السموم والهوام. واستعماله بأن يسحق ويذر على موضع اللسعة، أو يعجن بالدقيق، ويوضع عليه؛ أو يعجن بالبول أو بزبل أو عسل أو علك البطم. وقد يسقى منه للجرب وللعلة التي يتقشر معها الجلد، والقوابي إذا عولجت به مع علك البطم يشربها «٣» مرارا كثيرة، فإنه يجلو، ويقلع هذه العلل كلها من غير أن يدفع شيئا منها إلى عمق البدن.
وقال ديسقوريدوس في الخامسة: يعلم أن أجوده ما لم يقرب من النار، وكان صافي اللون صقيلا، ليس بمتحجر، وأما إذا قرب من النار فينبغي أن يختار منه الأحمر الذي فيه دهنية. وقد يكون كثيرا في المواضع التي يقال لها موم