للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمِيدَ بِكُمْ

«١» ونحوه من الآيات الكريمة التي تدل على أن الأرض إنما كان «٢» سبب ثباتها على الحال التي عليه من السكون وعدم الاضطراب والحركة، هو أن الله تعالى أرسى فيها الجبال فسكّنها عن الاضطراب. نعم إن التحقيق أقرب في قوله إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ

«٣» . وإذا كان قد قال سبحانه خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها

«٤» فالأرض كذلك، وإنما دخل الداخل بين المسلمين مما نقلته اليهود، وتلقاه من [في] قلبه مرض ممن يعتقد أن الله في جهة، فانشرح صدره لمثل هذه الأحاديث ونقلها عند المسلمين، فتقبلها العامة حتى النساء والصبيان ينقلون معتقدين صحتها، فنسأل الله العفو والعافية من البدع المضلة.

عاد الكلام ورجع إذا تقرر ما تقدم، فقد زعموا أن الأبخرة والأدخنة الكثيرة إذا اجتمعت تحت الأرض فلا تقاومها برودة، حتى يصير ما قد تكون مادتها كثيرة لا تقبل التحليل بأدنى حرارة، ويكون وجه الأرض صلبا لا يكون فيه منافذ ولا مسام، فالبخارات إذا قصدت الصعود (٢١٦) لا تجد المسام والمنافذ، فتهتز منها بقاع الأرض وتضطرب، كما يرتعد بدن المحموم من شدة الحمى، بسبب رطوبات عتيقة اختبأت في خلل أجزاء البدن، فتشتعل «٥» بها الحرارة الغريزية، فتذيبها وتحللها وتصيرها دخانا وبخارا، فتخرج من مسام جلد الإنسان فيهتز من ذلك البدن ويرتعد، ولا يزال كذلك إلى أن تخرج تلك المواد كلها، فإذا خرجت سكن البدن ورجع إلى حال الصحة، فهكذا حركات بقاع الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>