للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ينقبونها نقبا صغيرا ويرونها، فإن كانت سليمة قوّروها، وإن كانت مجوفة عجلوا سدّها بالجص والكلس، فإن منها ما يخشى منه مثل سيل العرم، وإن لم يكن لها قوة الخروج. أو كانت الأرض صلبة فتحتاج إلى العلاج، وهو أن ينحى عنه التراب حتى يظهر كماء الآبار والقنوات، هذا إذا لم تكن مادتها كما ذكرنا من الأوشال بطريق النز «١» ، فسببها ظاهر.

أما سبب اختلاف العيون التي في جوف الأرض وكهوف الجبال، من الملوحة والعفوصة والكبريتية والنفطية، فعلّة حرارتها أن المياه تسخن في الشتاء تحت الأرض وتبرد في الصيف، بسبب أن الحرارة والبرودة ضدّان، فلا يجتمعان في مكان واحد، في زمان واحد. فإذا جاء الشتاء، برد الجو، وقرت الحرارة، وأسخنت باطن الأرض وكهوف الجبال، فإن كانت مواضعها كبريتية بأن تنصب إليها رطوبات دهنية، كما قدمنا ذكره، بقيت الحرارة فيها دائمة (٢٢١) بواسطة تلك الرطوبات الدهنية، فلو جاز بهذه المواضع مياه أو جداول أو عروق نافذة، تسخن لمرورها هناك، وجوازها عليها، ثم تخرج على وجه الأرض حارّة حامية.

وان أصابها نسيم أو برد الجو فربما جمدت، أو كانت غليظة، وانعقدت فصارت زئبقا أو قيرا أو نفطا أو كبريتا أو ملحا أو بورقا أو ما شاكل ذلك، بحسب اختلاف تربها، وتغيرات أهوية أماكنها، كل ذلك بتدبير الحكيم العليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>