فاستخفه الطيش وتسمّى بأمير المؤمنين، وما هو من قريش، وتداول بنو عبد المؤمن ملكا سموه الخلافة، وعظم شأنهم، وملكوا من حدود مصر إلى البحر المحيط في نهاية المغرب وجزيرة الأندلس، وإنما أجهد ابن تومرت نفسه، وركب الأخطار، حتى سبّب لهم هذا الملك العتيد، ونظم لهم هذا السلك الفريد، أذاعوا عنهم تلك السمعة التي أحوجت السلطان صلاح الدين رحمه الله، إلى أنه كاتبهم وراود كاتبه الفاضل بأن يخاطب قائمهم إذ ذاك بإمرة المؤمنين، فتأبّى عليه وامتنع، وقال: مثل [ص ٤١] هذا ما وقع ولا يقع، وقال: متى كتبنا لهم بهذا حتى قرئ الكتاب على منبر من منابر الغرب، جعلونا لهم خالعين، ولهم لا لبني العباس طائعين، واقتصر على أنه كتب نسخة إلا موضع هذه الكلمة، وخاطبهم وما أطلق ولا أمسك قلمه، بل هو في الرتبة الوسطى، لا يتمحّص فيها أنه أصاب ولا أخطأ، ثم توسل إلى صلاح الدين بأن لا يكون الكتاب بخطه، وقال له والخادم يستجير هو وذريته بالمولى من هذا، وكان مضمون الكتاب الاستنجاد بابن عبد المؤمن، وطلب الإمداد على الفرنج بما يمكن، ثم جهّز على يد ابن منقذ، فما كان بمنقذ، فاستصرخ به وما هو بمصرخه، ولا بواضع وزر همّه، ولا مفرخه، وإن كان هذا ما هو موضع ذكر بني عبد المؤمن، وإنما ذكر ابن تومرت اقتضاه، وهو الذي سلمهم السيف وانتضاه.
فهذه مشاهير دول بني الحسن بن علي عليهما السلام، سوى من تقدم