أعناق محضريه، فكتب إليه ثانيا، ثم ثالثا، ففعل كفعله الأول فيهما، فناجزه الحرب، فانهزم اليسع ودخل المدينة مهزوما، ثم خرج منها فارا، فدخلها الشيعي، وأخرج المهدي، وأطلق الخيل في طلب اليسع، فأدركوه فأخذوه هو ومن كان معه، وأتوه به، فأمر باليسع فضرب بالسياط، وطيف به في العسكر، ثم أمر به وبمن كان معه فضربت أعناقهم، وذلك في ذي الحجة من السنة المذكورة، ثم أقعد المهدي وأخذ له البيعة على الناس، وقدم به دار الملك رقادة، فدخلها في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين ومائتين، وأقام بها الشيعي إلى أن قتل هو وأخوه العباس المخطوم، قال: وكان سبب قتلهما أنهما ندما على إقامة المهدي وأرادا خلعه.
قلت: ولنذكر هنا ما قاله الغرناطي، وقد ذكر فرق الشيعة بعد قتل الحسين عليه السلام، فقال: تفرقوا أربع فرق، هم الأصول: علوية، وفاطمية، وحسنية، وحسينية، فالعلوية رأت الإمامة في ولد علي عموما دون تخصيص، وهم الكيسانية، وهم القائلون بإمامة محمد بن الحنفية، كما نبهنا عليه، والفاطمية رأت الإمامة في ولد الحسن والحسين ولدي فاطمة عليهما السلام، وهم الزيدية، والحسنية: وهم الذين رأوا الإمامة في الحسن ثم في ولده، ثم في عبد الله [ص ٤٧] بن الحسن بن الحسن والد إدريس صاحب المغرب، ثم في الأدارسة بنيه أبدا، والحسينية: وهم الذين رأوا الإمامة في ولد الحسين، ثم في ولده علي زين العابدين، ثم في ولده محمد الباقر، ثم في ولده جعفر الصادق، ثم افترقوا، فرأت فرقة أن الإمامة في ولد موسى الكاظم، ثم من بعده في ولد علي الرضا، ثم في ولده علي الجواد، ثم في ولده علي بن علي الهادي، ثم في ولده الحسن العسكري، ثم في ولده محمد المنتظر، وكان حينئذ في بطن أمه، وهم الإمامية، ورأت فرقة: أن الإمامة في إسماعيل بن جعفر الصادق، وهم الإسماعيلية، وأهل هذه الدولة منهم، وها أنا أذكرهم، فأولهم: هذا القائم بالمغرب: