للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومائتين، وبويع له برقادة يوم الخميس الموفي بعشرين من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين، وهو ابن سبع وثلاثين سنة، وهو باني المهدية وغيرها، ولما ظهر أمر الشيعي القائم بالمغرب بدعوته، جعل الخليفة عليه عيونا بمصر، فوقع المهدي بمصر في زي التجار بيد صاحبها عيسى النوشري «١» ، فقال له: أنت الذي طلبه أمير المؤمنين؟ فقال: إنما أنا رجل تاجر، فاتق الله في دمي، فخلى سبيله، فخرج في قافلة يريد أفريقية، ثم أنه فقد كلبا كان يصيد به، فرجع في طلبه، وإن صاحب مصر ندم على تخليته، فخرج في طلبه فاذا [هو] راجع في طلب كلبه، فقال: لو كان هذا هو المطلوب لطلب النجاة لنفسه، ولم يرجع في طلب كلب، فانصرف وتركه، فسار حتى نزل [ص ٤٩] طرابلس، وكان زيادة الله بن الأغلب قد أرصد عليه عيونا، فخاف عبيد الله على نفسه، فأخذ طريق قصطيلية حتى أتى سجلماسة في يوم الأحد السابع من صفر ستة وتسعين ومائتين، ومعه ابنه أبو القاسم محمد القائم، فوشى به واش إلى صاحبها اليسع بن مدرار، فأحضره بين يديه واستفهمه عن حاله، فقال: أنا رجل تاجر، فقال له: لا إنما أنت المهدي الذي يدعو إليه هذا الشيعي، فأظهر البراءة منه، وأنكر ذلك، فجعله في دار ورسم به، وأجرى عليه الأرزاق، وبلغ الشيعي خبره، فبعث أبا زاكي بمال وطرف من طرف الملوك، فأوصلها إليه مستخفيا، وسلم عليه ثم رجع إلى الشيعي فأعلمه بصحة الخبر، فسار إلى سجلماسة بجيوشه حتى استخرجه منها، كما تقدم ذكره، ثم ما زال يكلأه حتى تم أمره، وانقاد له الملك عنوة، وركب من منابره الغارب والذروة، وأطاعه الناس رهبا ورغبا، وبايعه

<<  <  ج: ص:  >  >>