للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصر وملكها، وحصل له حظوة ملكها وأدركها، ووصلت إليه جيوشه، وحصلت على معاقد شرفاتها عروشه، وقدم أمامه القائد جوهر فاختلط القاهرة وبنى له بهما القصرين، وإلى الآن بعض آثارهما الظاهرة، وقسم بناء المدينة على من كان في جملة المعز من القبائل، واتخذ الكافوري بستانا ترق به الجداول، وتزف الخمائل، وشرع أبواب المدينة، ولم يكمل لها سورا يدور بنطاقها، ولا أقام لها جدرا يستند إليه ظهور أسواقها، ثم مدنت بعد ذلك التخطيط، وأدير بها سور اللبن المحيط، وذلك لما أناخت القرامطة بساحتها، وأنامت المعز وهو يعتقد أن روحه في راحتها، ثم بنى في الأيام الصلاحية السور الحجر الدائر، وضرب عليها مثلها الساير، ثم لما كمل القائد جوهر بناء ما شرعه، أتم قصر المعز وموضعه، استخلف المعز بالمغرب بعض أشياعه، وقدم مصر وقد شرق صدر البر والبحر بأتباعه، وأتى الإسكندرية وخيّم بظاهرها، وجثم أسده الهصور يزأر، إلا على زائرها، وتلقاه إليها أهل مصر من القواد والوزراء والقضاة والعلماء ووجوه الناس، فبسطهم بالإيناس، وتلقاهم بالرحب والسعة، وأمر لهم بالخلع والأنزال الموسعة، ثم سار حتى أتى مصر ودخل القاهرة، ونزل بقصره بها في يوم الثلاثاء لتسع عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، وتوفي في يوم الجمعة الحادي عشر من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلاث مائة.

وذكر ابن الأثير: أن ملك الروم كان أرسل إلى المعز رسولا بالمهدية، ثم كان

<<  <  ج: ص:  >  >>